فصل: تفسير الآية رقم (98):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (97):

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}
(97)- نَاظَرَ اليَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ نُبُوَّتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا القَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فَإِن أنْبَأَتَنَا بِهَا عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتّبَعْنَاكَ فَأَخَذَ النَّبِيُّ عَلَيهِمِ المِيثَاقَ إِذْ قَالَ: «وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: هَاتُوا. فَسَألُوهُ أَسْئِلَةً أَرْبَعَةً أَجَابَهُمْ عَلَيْها، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلا وَلَهُ مَلَكٌ يَأتِيهِ بِالخَبَرِ، فَأخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «صَاحِبِي جِبْرِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ». قَالُوا جِبْرِيلُ ذَاكَ الذِي يَنْزِلُ بِالحَرْبِ وَالقِتَالِ وَالعَذَابِ عَدُوُّنَا، وَإِنَّهُ أنْذَرَ اليَهُودَ بِخَرَابِ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَكَانَ مَا أنْذَرَ بِهِ، لَوْ قُلْتَ: إنَّ صَاحِبَكَ مِيكَائِيلُ لاتَّبَعْنَاكَ، لأَنَّهُ المَلَكُ الذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالغَيْثِ. فَأَنزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ.
وَمَعْنَى الآيَةِ: إنَّ مَنْ عَادَى جِبْرِيلَ فَإنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الرُّوحُ الأمَينُ الذَي أنْزَلَ القُرآنَ عَلَى قَلبِكَ يَا مُحَمَّدُ، بأمْرِ اللهِ، مُصَدِّقاً لِمَا سَبَقَهُ مِنَ الكُتُبِ المَنَزَّلةِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمِنْهَا التَّورَاةُ، وَهُوَ هُدًى لِلْمُؤْمِنينَ وَبُشْرَى لِقُلُوبِهِمْ بِالجَنَّةِ.

.تفسير الآية رقم (98):

{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}
{وملائكته} {وَمِيكَالَ} {لِّلْكَافِرِينَ}
(98)- أعْلَمَ اللهُ تَعَالَى اليَهُودَ بِأنَّ مَنْ عَادَى اللهَ بِالكُفْرِ بِهِ وَمُخَالَفةِ أوَامِرِهِ، أوْ عَادَى أحَداً مِنْ مَلائِكَتِهِ، أوْ أحَداً مِنْ رُسُلِهِ أوْ جِبْرِيلَ أوْ مِيكَائِيلَ، فَإنَّهُ يَكُونُ عَدُوّاً للهِ، لأنَّهُ يَكُونُ كَافِراً، وَاللهُ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ، وَمَنْ عَادَاهُ اللهُ خَسِرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ.

.تفسير الآية رقم (99):

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)}
{آيَاتٍ} {بَيِّنَاتٍ} {الفاسقون}
(99)- يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى لِنَبيِّهِ الكَرِيمِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ، جَلَّ شَأنُهُ، أَنْزَلَ إِليهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، وَتِلْكَ الآيَاتُ هِي مَا حَوَاهُ كِتَابُ اللهِ مِنْ خَفَايَا عُلُومِ اليَهُودِ، وَمَكْنُونَاتِ سَرَائِرِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ، وَمَا حَرَّفَهُ أَوَائِلُهُمْ وَأَوَاخِرُهُمْ، وَمَا بَدَّلُوهُ مِنَ الأَحْكَامِ التِي كَانَتْ فِي التَّورَاةِ، وَمَا يَكْفُرُ بِهذَهِ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، وَلا يَجْحَدُ بِهَا إلاّ الفَاسِقُونَ الخَارِجُونَ عَن الطَّاعَةِ، الذِينَ استَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى حَسَداً لِلنَّبِيِّ، وَعِنَاداً وَمُكَابَرَةً مِنْهُمْ.
الفَاسِقُونَ- الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (100):

{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}
{عَاهَدُواْ}
(100)- وَكَانَ اليَهُودُ قَدْ قَالُوا حِينَمَا بَعَثَ اللهُ رَسُولَهَ مُحُمَّداً صلى الله عليه وسلم: وَاللهِ، مَا عَهدَ إلينَا في مُحَمَّدٍ، وَمَا أَخَذَ عَلَينَا مِيثَاقاً. فَأنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيةَ.
(وَقَالَ مُفَسِرُونَ: إنَّ العُهودَ المَقْصُودَةَ هُنَا هِيَ عُهُودُهُمْ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَدِينة).
وَمَعْنَى الآيَةِ: إِنَّ اليَهُودَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَقَضَهُ (نَبَذَهُ) فَرِيقٌ مِنْهُمْ، وَأَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَلا يُؤْمِنُونَ بِحُرْمَةِ العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ.

.تفسير الآية رقم (101):

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}
{الكتاب} {كِتَابَ الله}
(101)- فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالقُرآنِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ يُصَدِّقُ التَّورَاةَ التي بَيْنَ أيدِيهِمْ بِمَا فِيهِ مِنْ أصُولِ التَّوحيدِ، وَقَوَاعِدِ التَّشْرِيعِ، وَأخْبَارِ الأمَمِ الغَابِرَةِ، نَبََذَ فَرِيقٌ مِنَ اليَهُودِ التَّورَاةَ وَأَهْمَلُوهَا، وَكَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ بِمَا فِيها، مَعَ أنَّها حَوَتْ صِفَاتِ مُحَمَّدٍ، وَبَشَّرَتْ بِرِسَالَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ كَتَمُوا ذلِكَ وَجَحَدُوهُ، وَاليَهُودُ حِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ، وَبِالقُرْآنِ المُصَدِّقِ لِلتَّورَاةِ، يَكُونُونَ قَدْ نَبَذُوا التَّورَاةَ التِي جَاءَ فِيها: إنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ رَسُولاً لِلنَّاسِ مِنْ وُلْدِ إسْمَاعِيلَ.
نَبَذَ- طَرَحَ وَأَلْقَى.
الفَرِيقُ- العَدَدُ القَلِيلُ.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)}
{الشياطين} {سُلَيْمَانَ} {هَارُوتَ} {وَمَارُوتَ} {اشتراه} {خَلاقٍ} {تَتْلُواْ} (102)- وَلَقَدْ صَدَّقُوا مَا تَتَقَوَّلُه الشَّيَاطِينُ وَالفَجَرَةُ مِنُهُمْ عَلَى مَلْكِ سُلَيْمَانَ، إِذْ زَعَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً وَلا رَسُولاً يَنْزِلُ عَلَيهِ الوَحْيُ مِنَ اللهِ، بَلْ كَانَ سَاحِراً يَسْتَمِدُّ العَوْنَ مِن سِحْرِهِ، وَأنَّ سِحْرَهُ هَذا هُوَ الذِي وَطَّدَ لَهُ المُلْكَ، وَجَعَلَهُ يُسَيْطِرُ عَلَى الجِنِّ وَالطَّيْرِ وَالرِّيَاحِ، فَنَسَبُوا بِذَلِكَ الكُفْرَ لِسُلَيْمَانَ، وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ، وَلَكِنَّ هَؤُلاءِ الشَّيَاطِينَ الفَجَرَةَ هُمُ الذِينَ كَفَرُوا، إِذْ تَقَوَّلُوا عَلَيْهِ الأَقَاوِيلَ، وَأَخَذُوا يُعَلِمُونَ النَّاسَ السِحْرَ مِنْ عِنْدِهِمْ، وَمِنْ آثَارِ مَا أُنْزِلَ بِبَابِلَ عَلَى المَلَكِين هَارُوتَ وَمَارُوتَ. مَعَ أنَّ هذينِ المَلَكِينِ مَا كَانَا يُعَلِّمَانِ أَحَداً حَتَّى يَقُولا لَهُ: إِنَّمَا نُعَلِّمُكَ مَا يُؤَدِّي إلَى الفِتْنَةِ وَالكُفْرِ فَاعْرِفْهُ وَاحْذَرْهُ، وَتَوَقَّ العَمَلَ بِهِ. وَلَكِنَّ النَّّاسَ لَمْ يَأْخُذُوا بِهَذِهِ النَّصِيِحَةِ، فَاسْتَخْدَمُوا، مِمَّا تَعَلَّمُوهُ مِنْهُمَا، مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المْرِءِ وَزَوْجِهِ. لَقَدْ كَفَرَ هَؤُلاءِ الشَّياطِينُ الفَجَرَةُ إِذْ تَقَوَّلُوا هَذِهِ الأقَاوِيلَ، وَاتَّخَذُوا مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ وَأَسَاطِيرِهِمْ ذَرِيعَةً لِتَعْلِيمِ اليَهُودِ السِّحْرَ، وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِسِحْرِهِمْ هذا أحَداً، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الذِي يَأْذَنُ بِالضَّرَرِ إنْ شَاءَ، وَأنَّ مَا يُؤَخَذُ عَنْهُمْ مِنْ سِحْرٍ لَيَضُرُّ مَنْ تَعَلَّمَهُ في دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَلا يُفِيدُهُ شَيْئاً، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَعْلَمُونَ حَقَّ العِلْمِ أَنَّ مَنِ اتَّجَهَ هذا الاتِّجَاهَ لَنْ يَكُونَ لَهُ حَظٌّ أوْ نَصِيبٌ فِي نَعِيمِ الآخِرَةِ، وَلَبِئْسَ مَا اخْتَارَهُ هُؤُلاءِ لأنْفُسِهِمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
السِّحْرَ- الخَدْعَ.
شَرَوْا- بَاعُوا.
الإِنْزالُ- الإِلْهَامُ.
عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَان- فِي عَهْدِ سُلَيْمَانَ.

.تفسير الآية رقم (103):

{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)}
{آمَنُواْ}
(103)- وَلَوْ أنَّهُمْ آمَنُوا الإِيمَانَ الحَقَّ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَبِكِتَابِهِمُ الذِي يُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَاتَّقَوا اللهَ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى أوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ لَكَانَ ثَوَابُ اللهِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَيْراً لَهُمْ مِمَّا اخْتَارُوا لأنْفُسِهِمْ، وَرَضُوا بِهِ مِنَ المَنَافِعِ والمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ، لَوْ أنَّهُمْ كَانُوا عَلَى شَيءٍ مِنَ العِلْمِ الصَّحِيحِ.
المَثُوبةُ- الثَّوابُ العَظِيمُ.

.تفسير الآية رقم (104):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}
{آمَنُواْ} {رَاعِنَا} {وَلِلكَافِرِينَ} {يَاأَيُّهَا}
(104)- كَانَ الأنْصَارُ يَقُولُونَ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم حِينَمَا يَتْلُو عَلَيهِمِ الوَحْيَ: رَاعِنَا (أيْ تَمَهَّلْ عَلَينا في التّلاوَةِ حَتّى نَعِيَ مَا تَقْرَؤُهُ عَلَينا). وَكَانَ اليَهُودُ يَسْتَعْمِلُونَ هذا التَّعْبيرَ في مَخَاطَبتِهِمْ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَتَظَاهَرُونَ بِأَنَّهُمْ يَريدُونَ أنْ يَقُولُوا لَهُ: (ارْعِنَا سَمْعَكَ).
وَلكِنَّهُمْ كَانُوا يُمِيلُونَ الكَلِمَاتِ بَعْضَ الشَّيءِ، وَيُورُونَ بِهَا عَنِ الرُّعُونَةِ. (وَرَاعِينُو فِي العِبْرِيَّةِ مَعْنَاهَا شِرِّيرٌ). فَنَبَّهَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ وَالمُؤمِنينَ إلى ذَلِكَ، وَنَهَاهُمْ عَنِ اسْتِعْمَالِ هذهِ الكَلِمَةِ في مُخَاطَبَةِ الرَّسُولِ. وَأمَرَهُمْ بِأنْ يَسْتَعْمِلُوا بَدَلاً مِنْ كَلِمَةِ (رَاعِنَا)، كَلِمَةَ (انْظُرْنا).
وَيَتَوَعَّدُ اللهُ تَعَالَى اليَهُودَ الكَافِرينَ بِالعَذَابِ الأليمِ الذِي أعَدَّهُ لَهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، وِسُوءِ أدَبِهِمْ بِحَقِّ الرَّسُولِ الكَرِيمِ.
رَاعِنا- ارْعِنا سَمعَكَ، أوْ تَمَهَّل عَلَينا.
انْظُرْنَا- انْظُرْ إلَينَا أوِ انْتَظِرْنَا أوْ تَأنَّ عََلَينَا.

.تفسير الآية رقم (105):

{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}
{أَهْلِ الكتاب}
(105)- إِنَّ الذِينَ عَرَفْتُمْ حَالَهُمْ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، هَمْ حَسَدَةٌ لَكُمْ لا يُرِيدُوُنَ أَنْ يصِيبَكُمْ خَيْرٌ مِنْ رَبِكُمْ، وَلا أَنْ يَتَرَسَّخْ دِينُكُمْ، وِلا أَنْ تَتَثَبَّتَ أَرْكَانُهُ، وَالمُشْرِكُونَ مِثْلُ أَهْلِ الكِتَابِ فِي كُرْهِهِمْ لَكُمْ، وَحَسَدِهِمْ إِيَّاكُمْ، وَتَمَنِّيِهِمْ أَنْ تَدُورَ عَلَى المُسْلِمِينَ الدًّوائِرُ، وَأَنْ يَنْتَهِي أَمْرُ الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ. وَحَسَدُ الحَاسِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَاخِطٌ عَلَى رَبِّهِ، مُعْتَرِضٌ عَلَى حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، لأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى المَحْسُودِ بِمَا أَنْعََمَ، وَاللهُ لا يُضِيرُهُ سَخَطُ السَّاخِطِينَ، وَلا يُحوِّلُ مَجَارَي نِعْمَتِهِ حَسَدُ الحَاسِدِينَ، فَهُوَ يَخْتَصُّ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ وَهُوَ صَاحِبُ الفَضْلِ العَظِيمِ عَلَى مَنِ اخْتَارَهُ لِلنُّبُوَّةِ، وَهُوَ صَاحِبُ الإِحْسَانِ وَالمِنَّةِ عَلَى عِبَادِهِ.

.تفسير الآية رقم (106):

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}
{آيَةٍ}
(106)- يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ بِالشَّيءِ، لِمَا يَعْلَمُهُ فِيهِ مِنَ المَصْلَحَةِ، ثُمَّ يَنْهَى عَنْهُ لِمَا يَرَى فِي ذلِكَ مِنَ الخَيْرِ حِينئِذٍ، فَهُوَ لا يُبَدِّلُ حُكْماً مِنَ الأَحْكَامِ المُنَزَّلَةِ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ يَمْحُوهُ إِلا جَاءَ بِحُكْمٍ أَرْفقَ مِنَ الحُكْمِ المَنْسُوخِ بِالمُكَلَّفِينَ، وَخَيْرٍ لَهُمْ فِي المَنْفِعَةِ أَوْ مِثْلِهِ. وَيُنَبِّه اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنَّه تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَهُوَ المُتَصَرِّفُ المُطْلَقُ فِي الكَوْنِ وَمَا فِيهِ، فَيُحِلُّ مَا يَشَاءُ، وَيُحَرِّمُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ الذِي يَحْكُمُ بِمَا يُرِيدُ وَلا مُعَقِّبَ عَلَى حُكْمِهِ، وَعَلَى المُؤْمِنِينَ إِطاعَةُ أَمْرِ رَبِّهِم، وَاتِّبَاعُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ.
(نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ رَدّاً عَلَى المُشْرِكِينَ وَاليَهُودَ حِينَ قَالُوا: أَلا تَرَوْنَ إِلى مُحَمَّدٍ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِأَمْرٍ ثُمَّ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِخِلافِهِ، وَيَقُولُ اليَوْمَ قَولاً وَيَرْجِعُ عَنْهُ غَداً)؟
النَّسْخُ- الإِزَالَةُ.
الإِنْسَاءُ- إِذْهَابُ الآيَةِ مِنْ ذَاكِرَةِ النَّبِيِّ بَعْدَ تَبْلِيغِها إِلَيهِ.

.تفسير الآية رقم (107):

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)}
{السماوات}
(107)- يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالَى نَبِيّه صلى الله عليه وسلم إِلَى أنَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ مَالِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَلَيْسَ لِلْنَاسِ مِنْ دُونِهِ مِنْ نَاصِرٍ، وَعَلَى الخَلْقِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لأَمْرِهِ وَنَهْيهِ، لَهُ أَنْ يَنْسَخَ مَا يَشَاءُ مِنَ الأَحْكَامِ، وَيَبْطِلُهَا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الشَّرْعِيَّةَ، وَالأَحْكَامَ الخُلُقِيَّةَ قَدْ تَكُونُ فِيها مَصْلَحَةٌ فِي وَقْتٍ، وَتَكُونُ مَفْسَدَةٌ فِي وَقْتٍ آخَرَ.
الوَلِيُّ- القَريبُ وَالصَّدِيقُ.
النَّصِيرُ- المُعِينُ.